بناءَ على بحثي الميداني الذي أجريته أثناء كتابة أطروحتي و تسجيلات الشهادات شفوية من جيل اللاجئين الأول، و الثاني و الثالث للنكبة، أعتقد أنه لمن الضروري جداَ الإشارة في كتب التاريخ إلى آثار و تبعات النكبة، خصوصاَ التي يتم تجاهلها، كـقضية اللوم. فقد واجهتني العديد من الشهادات و القصص في دراستي، فعلى سبيل المثال، بعض اللاجئين من الجيل الثالث قاموا بلوم أجدادهم لتركهم منازلهم، مدّعين أنهم لم يكونوا في مواجهة خطر محدقّ: “لقد خرجوا من ديارهم بسب الإشاعات الصهيونية التي تناقلوها.” أحد الذين قابلتهم أخبرني، “لقد سئلت جدّي لمَ خرجت؟ لمَ لم تقاتل بدلاََ؟” وغيره من اللذين قابلتهم من الجيل الأول أخبرني، “عندما غزت القوات الصهيونية كانت قُرانا فارغة. لقد هجرناها الشهر الذي سبق الاحتلال الصهيوني لأرضنا.
وعليه فإن البحث في قضية اللوم و المسائلة في النكبة سيعود برؤية أكثر وضوحاََ بالنسبة للطلبة الأطفال. و لعلّ أن مفهوم اللوم يجب أن يبحث بطريقة هرمية ابتداء من الصهاينة، إلى الاستعمار البريطاني، إلى الدول العربية و عدم مناصرتها و دفاعها عنا، إلى الفلسطينيين أنفسهم. وبالتأكيد علينا الحذر من ألّا نقع في شرك السرد الصهيوني الذي يلقي اللوم على الفلسطينيين وحدهم في خلق مشكلة اللاجئين.
موضوع آخر يجدر الإشارة إليه، هو التنميط، او “الستيريوتايبنغ”، أي فرض صورة نمطية مبسطة لتمثل كل اللاجئين. فأحد النتائج الرئيسية للنكبة هو مفهوم الطبقات الاجتماعية داخل المجتمع الفلسطيني. فعلى سبيل المثال، وصف الجيل الأول من للاجئين المنحدرين من حيفا حياتهم بأنها خاصة و مميزة، حيث كانوا ملّاكين للأراضي والخدم. في نابلس و بعد النكبة أصبحوا بلا مؤوى دون وجود معين لهم. ووصفوا اللاجئين بحديقة الحيوانات. و أضافت أن أولئك الذين بقوا كانوا محـظوظين لمجرد أنهم ليوصموا بأنهم لاجئين. و عليه فإننا نرى أن هناك رابطاَ سلبيا أصيل الصلة بمفهوم اللاجئين، و لكن لم يخضع للبحث فيه. و أضاف الجيل اليافع من اللاجئين أن هناك صعوبة لديهم في زواج غير اللاجئين، و ذلك نظراََ لوصمة العار المرتبطة.
و بحسب وجهة نظري، سيكون طرح هكذا قضية للنقاش أثناء المحاضرة أمراَ مثيراَ للاهتمام. لم لا نسأل الأطفال عن رأيهم بمن يستحق اللوم؟ للأسف، إن منهاجنا التعليمية مبنية على مبدأ التلقين بالملعقة. لذلك لماذا لا نبادر في سؤالهم عن نوع التغير الذي يقترحوه؟ لذلك من الضروري جداَ أن تكون أصواتهم و وجهات نظرهم مسموعة بعناي.