في السياق الفلسطيني، يجب على كتب التاريخ أن تناقش أولاَ تاريخ الحركة الصهيونية، و تطورها عبر عدّة مراحل تاريخية، و ذلك لتأثر التاريخ الفلسطيني بها. ما هي الأدوات التي استخدمت لتحقيق عقيدتهم، و ما هي الذرائع التي أدت إلى اختيار فلسطين كوطن قومي لهم. بعض الأحيان تجد أن هنالك بعض الطلبة الجامعيين ممن يجهل بدايات الصهيونية، كيف استخدم اليهود الدين كذريعة لتحقيق مكاسبهم. لذلك إن تركيبة الدين و الجغرافيا سويةَ جعلت من فلسطين مكان إقامة دولة إسرائيل، و هذا ما يحب أن يشرح هذا بشكل شامل في كتب التاريخ.
على صعيد آخر، لابدّ لكتب التاريخ أن تناقش النكبة في إطار متكامل، من خلال اقتران الحوادث مع المفاهيم المتعلقة بها. بحيث أن المنهاج الفلسطيني يتعامل مع النكبة على انها التزام غير مباشر للسلطة الوطنية الفلسطينية، إن لم تكن أصلاََ شرطاََ تم إملاءه في اتفاق أسولو بأن لا تناقش و أن تدرّس في مناهج التعليم و كتب التاريخ المقررة. لذلك عندما تناقش كتب التاريخ النكبة كحادث تاريخي، فإن نتائجاَ كالنزوح، و التجزئة، و الخراب، واللاجئين، و التفكك، و التهجير، و الذاكرة الجماعية و غيرها يجب مراعاتها و مناقشتها أيضاََ.
فإنه لمن المنطقي بأن تناقش هذه المواضيع و المفاهيم في سياق تاريخي متماسك بدلاَ من مناقشتهم كمجردات في سياق النكبة، وبذلك تصبح المفاهيم أكثر واقعية و منطقية.
و بحكم ترابط التاريخ و الجغرافيا، سيترتب على إدراج النكبة في كتب التاريخ تغيرات وتعديلات على كتب الجغرافيا.
في المنهاج السلطة الوطنية، تعرَّف فلسطين بأنها الضفة الغربية و غزة، ليست بفلسطين التاريخية. و ما يذكر من مدن فلسطينية في المنهج لا يشمل مدناَ كيافا، و حيفا، و الناصرة، وذلك لأن اتفاق أوسلو رسم الحدود الفاصلة بين غزة و الضفة الغربية. و بذلك، فإن الذكرة الجماعية في عملية تشويه مستمرة، في كتب التاريخ و الجغرافيا تحديداَ، إن لم تشمل حقيقة القضية الفلسطينية.
لابدّ لكتب التاريخ من تحليل الحوادث التاريخية بدلاََ من توصيفها، و من ذلك تنبؤ سيناريوهات مستقبلية. لذلك، عند دراسة اتفاق اوسلو كحدث تاريخي، لابدّا أيضاَ من إدراج الإتفاق ليتسنى للطلبة تعلّم كيفية قراءته، نقده، و تحليله و معرفة آثار هكذا اتفاق. و عليه، يجب إدراج اتفاق اوسلو في كتاب التاريخ، لمناقشة مفهوم المفاوضات، و تحديد الشروط لأي اتفاق.
أيضاََ، موضوع آخر هو الألم و المأساة و الحرمان في ظروف الحرب و الإحتلال. كيف لمفهوم للإحتلال أن يعمل على تعميم فكرة الحرمان من الحقوق الأساسية، و خاصةَ الحقوق التي لا يمكن تجزئتها.
واحد من أهم المواضيع التي يتوجب إدراجها هو مفهوم المقاومة كمفهوم إيجابي، غير مؤلم، خاصةََ انها لمن الممكن أن تنتهي بالشهادة، أو تدمير المنازل، و اعتقال الناشطين. قراءة المقاومة الإيجابية بمختلف أنواعها، و توسيع مفهومها ليشمل كل ممارسات الصمود بأشكالها شتى، يعدّ شرطاَ أساسياَ. لكتاب التاريخ أن يشرح و يصف كيف من الممكن للمقاومة ان تكون منتجة على الصعيد اليومي لتعزيز الصمود و تحقيق الحريٌة. و في نفس الوقت، لابدّ لمفهوم للمقاومة أن يشمل التحديات اليومية، كحضور المدرسة، واللقاء في أوقات الحصار و حظر التجوال، و مواجهة الفقر، و الضغوط اليومية، و الحواجز و غيره. جميع الأمثلة السابقة تسهم في توسيع إطار مفهوم المقاومة، التي لا تنكر المقاومة المسلحة، و لا تهمش الممارسات الأخرى، بلّ تمنحهم قيمة سياسية.
في نفس الوقت، كتابة تجارب المقاومة الناجحة كما في كوبا، فنزويلا و الفيتنام، في كتب التاريخ سيثري الطلبة بالتفاؤل و الإيجابية. فيصبح كاتب التاريخ تجربة تعليمية تثري خبراتنا الحياتية، بدلاَ من سرد وصفي لحوادث تاريخية.
لابدّ لكتب التاريخ من التطرق لمفهوم الهوية. ففي المنهاج الفلسطيني الجديد هناك تشديد على مفهوم “التربية المدنية”، و تسويق لمفهوم الليبرالية الجديدة بدلاَ من مفهوم المواطن القومي الفلسطيني، المعتز و المرتبط بإرثه التاريخي. فمفهوم الهوية أُفّرغ من محتواه عبر اتفاق أوسلو. لذلك، علينا إعادة إنتاج هويتنا الوطنية و التشديد عليها.
أخيراَ، على كتب التاريخ أن تؤكد على أهمية بعض التفاصيل و الخصائص. فعلى الطلبة أن يتعلموا تقدير و احترام بعض التفاصيل المهمة في تاريخهم، فقد لاحظنا عدم معرفة وجهل الكثير من مفاوضي اتفاق أوسلو بتفاصيل تاريخيه عكست مقدار المعرفة الذي تمتع به الفلسطيني بالنسبة لتاريخه الوطني، و هذا ما أدى إلى إضعاف موقفهم و الذي انعكس بسلبيه على قرارتهم.